فلما أعياهم رد ما أفحمهم به الشيخ من حجج، عدلوا إلى ردها بالمكر والحيلة، فشكوه إلى شيخهم سليمان آل محمد رئيس بني خالد والأحساء، فأغروه به، وصاحوا عنده وقالوا: إن هذا يريد أن يخرجكم من ملككم ويسعى في قطع ما أنتم عليه من الأمور، ويبطل العشور والمكوس.

فلما خوفوه بذلك كتب إلى عثمان بن معمر أمره بقتله أو إجلائه عن بلده، وشدد عليه، وهدده بأنه إن لم يفعل ذلك قطع عنه خراجه الذي عنده في الأحساء -وكان خراجًا كثيرًا- وأوعده باستباحة جميع أمواله لديه.

فلما ورد على عثمان كتاب سليمان استعظم الأمر فآثر الدنيا على الدين وأمر الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالخروج من العيينة.

فخرج الشيخ سنة سبع أو ثمان وخمسين ومائة وألف من العُيَيْنَة إلى بلدة الدَّرْعية. فنزل في الليلة الأولى على عبد الله بن سويلم، ثم انتقل في اليوم التالي إلى دار تلميذه الشيخ أحمد بن سويلم.

فلما سمع بذلك الأمير محمد بن سعود، قام من فوره مسرعًا إليه ومعه أخواه: ثنيان ومشاري، فأتاه في بيت أحمد بن سويلم، فسلم عليه وأبدى له غاية الإكرام والتبجيل، وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده.

فأخبره الشيخ بما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما دعا إليه، وما كان عليه صحابته رضي الله عنهم من بعده، وما أمروا به وما نهوا عنه، وأن كل بدعة ضلالة وما أعزهم الله به بالجهاد في سبيل الله وأغناهم به وجعلهم إخوانًا.

ثم أخبره بما عليه أهل نجد في زمنه من مخالفتهم لشرع الله وسنة رسوله بالشرك بالله تعالى والبدع والاختلاف والظلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015