الله في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ} [البقرة: 159].
فذاع ذكره في جميع بلدان العارض: في حريملا والعُيَيْنة والدَّرْعية والرياض ومنفوحة؛ وأتى إليه ناس كثيرون، وانتظم حوله جماعة اقتدوا به، واتبعوا طريقه، ولازموه، وقرءوا عليه كتب الحديث والفقه والتفسير، وصنف في تلك السنين «كتاب التوحيد».
وانقسم الناس فيه فريقين: فريق تابعه وبايعه وعاهده على ما دعا إليه؛ وفريق عاداه وحاربه وأنكر عليه وهم الأكثر.
وكان رؤساء أهل حريملا قبيلتين أصلهما قبيلة واحدة، وكان كل فريق يدعي لنفسه القوة والغلبة والكلمة العليا، ولم يكن لهم رئيس واحد يَزَعُ الجميع؛ وكان في البلد عبيد لإحدى القبيلتين كثر تعديهم وفسقهم، فأراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن يمنعوا عن الفساد ونفذ فيهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهم العبيد أن يفتكوا بالشيخ ويقتلوه سرًا بالليل، فلما تسوروا عليه الجدار علم بهم الناس فصاحوا بهم فهربوا.
فانتقل الشيخ من حريملا إلى العُيَيْنة، ورئيسها يومئذ عثمان بن حمد بن معمر، فأكرمه وتزوج فيها الجوهرة بنت عبد الله بن معمر.
ولما عرض على عثمان دعوته اتبعه وناصره، وألزم الخاصة والعامة أن يمتثلوا أمره، وكان في العيينة وما حولها كثير من القباب والمساجد والمشاهد المبنية على قبور الصحابة والأولياء، والأشجار التي يعظمونها ويتبركون بها