وقرأ عليه القرآن فلم يقر ولم ينكر، فأسلم، وكفر بالأصنام، وخلع الأنداد، وأقر بحق الإسلام، ورجع أبو بكر وهو مؤمن مصدق» (?).
فكفار قريش قد علموا من أول يوم من بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قد أرسل بحرمة الشرك وتكفير المشركين، فكيف يخفى على صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين به ما لا يخفى على مشركي قريش الكافرين به؟!!
ونص العلامة ابن قيم الجوزية على أن من مات على الشرك قبل البعثة فهو في النار، معللاً ذلك بأن حرمة الشرك، والعقوبة عليه كانت معلومة من دين الرسل، ومتداولة بين الأمم فقال -رحمه الله تعالى-: «من مات مشركًا فهو في النار، وإن مات قبل البعثة، لأن المشركين كانوا قد غيروا الحنيفية دين إبراهيم، واستبدلوا بها الشرك وارتكبوه، وليس معهم حجة من الله به، وقبحه والوعيد عليه بالنار لم يزل معلومًا من دين الرسل كلهم، من أولهم إلى آخرهم، وأخبار عقوبات الله لأهله متداولة بين الأمم، قرنًا بعد قرن.
فلله الحجة البالغة. على المشركين في كل وقت، ولو لم يكن إلا ما فطر عباده عليه من توحيد ربوبيته المستلزم لتوحيد إلهيته، وأنه يستحيل في كل فطرة وعقل أن يكون معه إله آخر، وإن كان سبحانه لا يعذب بمقتضى هذه الفطرة وحدها، فلم تزل دعوة الرسل إلى التوحيد في الأرض معلومة لأهلها.