هل يعذر حديث العهد بفعل الشرك؟

وإحدى الدلائل على ذلك: قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31] الآية، فأهل الكتاب لم يسموا أحبارهم ورهبانهم أربابًا، ولكن لمّا أنزلوهم، منزلة الرب في التحليل والتحريم نزل النص القرني بحقيقة الأمر، وإن فرّ أصحابه من اسمه الشنيع.

وإذا قامت على المشرك الحجَّة في الدنيا فهو كافر في أحكام الدنيا والآخرة. وإن كانت الحجة لم تقم عليه فهو كافر في أحكام الدنيا لا في أحكام الثواب والعقاب.

وأما ما دون أصل الدين من الأصول والفروع فهو يخضع لضوابط التكفير المقررة من نصوص الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وأئمتها، فلا يقع الكفر في استحلال أو رد شيء منها إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة.

وأما إذا وقع المسلم في استحلال أو رد أمر معلوم بالضرورة من الدين، وكان مثله يعلمه فهو كافر مرتد عن الإسلام.

وأما حديث العهد بالإسلام، ومن نشأ ببادية بعيدة فإن وقع في مكفر، دون الشرك الأكبر، فهو معذور حتى تقام عليه الحجة، ما لم يكن مثله من بني جنسه يعلم بطلان ما وقع فيه، مثل نصراني أسلم حديثًا وكان يعيش بين المسلمين، فإن استحل ترك الصلاة، وادعى الجهل، فلا يقبل عذره لأن وجوب الصلاة ما زال معلومًا بالاضطرار من دين المسلمين، ومثله من بني جنسه لا

يجهل ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015