(مجرد بلوغ القرآن حجة على إفراد الله بالعبادة):
ومن الدليل على مسألتنا ما كتب الشيخ - رحمه الله تعالى - إلى عيسى بن قاسم وأحمد بن سويلم لما سألاه عن قول شيخ الإسلام تقي الدين قدس الله روحه من جحد ما جاء به الرسول وقامت عليه الحجة فهو كافر.
فأجاب بقوله: إلى الأخوين عيسى بن قاسم وأحمد بن سويلم سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: ما ذكرتموه من كلام الشيخ كل من جحد كذا وكذا، وأنكم تسألون عن هؤلاء الطواغيت وأتباعهم هل قامت عليهم الحجة أم لا؟
فهذا من العجب العجاب كيف تشكُّون في هذا، وقد وضحت لكم مرارًا: أن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام، أو الذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون ذلك في مسائل خفية مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف.
وأما أصول الدين التي وضحها الله في كتابه فإن حجة الله هي: القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة، ولكن أصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة وفهم الحجة فإن أكثر الكفار والمنافقين، لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان: 44].
وقيام الحجة وبلوغها نوع، وفهمهم إياها نوع آخر.