فأما غيرهم، ممن يقر بالتوحيد، فلا يكتفي في عصمته بقوله: «لا إله إلا الله» إذ كان يقولها في كفره، وهي من اعتقاده، فلذلك جاء في الحديث الآخر: (ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة).
وقال النووي: لا بد مع هذا من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما جاء في الرواية الأخرى: (ويؤمنوا بي وبما جئت به) (?).
وقال شيخ الإسلام لما سئل عن قتال التتار مع التمسك بالشهادتين، ولما زعموا من اتباع أصل الإسلام، فقال: كل طائفة ممتنعة من التزام شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة، من هؤلاء القوم، أو غيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه.
كما قاتل أبو بكر والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة، وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم.
فأيّما طائفة ممتنعة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات، أو الصيام، أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء، أو الأموال، أو الخمر، أو الميسر، أو نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، أو غير ذلك من التزام واجبات الدين، أو محرماته، التي لا عذر لأحد في جحودها أو تركها، التي يكفر الواحد بجحودها، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها، وإن كانت مقرة بها. وهذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء.