جرى منهم ذلك كله، لأنهم يقولون: لا إله إلا الله أيضا، ولازم قولهم: أن اليهود إسلام لأنهم يقولونها؛ وأيضًا: كفر هؤلاء أغلظ من كفر اليهود بأضعاف مضاعفة، أعني البوادي المتصفين بما ذكرنا.

والذي يبين ذلك من قصة الردة، أن المرتدين افترقوا في ردتهم، فمنهم من كذَّب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجعوا إلى عبادة الأوثان، وقالوا: لو كان نبيًا ما مات؛ ومنهم من ثبت على الشهادتين، ولكن أقر بنبوة مسيلمة، ظنًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشركه في النبوة، لأن مسيلمة أقام شهود زور شهدوا له بذلك، فصدقهم كثير من الناس، ومع هذا: أجمع العلماء أنهم مرتدون ولو جهلوا ذلك، ومن شك في ردتهم فهو كافر.

فإذا عرفت أن العلماء أجمعوا أن الذين كذبوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورجعوا إلى عبادة الأوثان، وشتموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم من أقر بنبوة مسيلمة في حال واحد، ولو ثبت على الإسلام كله، ومنهم من أقر بالشهادتين، وصدَّق طليحة في دعواه النبوة؛ ومنهم من صدَّق العنسي صاحب صنعاء، وكل هؤلاء أجمع العلماء أنهم مرتدين.

ومنهم أنواع أخر، منهم الفجاءة السلمي لما وفد على أبي بكر رضي الله عنه، وذكر له أنه يريد قتال المرتدين، ويطلب من أبي بكر أن يمده، فأعطاه سلاحًا ورواحل، فاستعرض السلمي، المسلم والكافر يأخذ أموالهم، فجهز أبو بكر جيشًا لقتاله، فلما أحس بالجيش، قال لأميرهم: أنت أمير أبي بكر، وأنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015