لنا أن وجوب الحج معلق في نص القرآن بوجود الاستطاعة وإنها تارة تكون بالنفس وتارة بالاعوان والانصار ألا ترى أنه يصدق ممن لا يحسن البناء أن يقول أنا مستطيع لبناء دار إذا تمكن منه بالاسباب والاعوان إذا تقرر ذلك فيشترط فيه أن لا يكون المطيع ضرورة ولا معضوبا وأن يكون موثوقا بصدقه وإذا توسم أثر الطاعة فهل يلزمه الامر فيه وجهان (أحدهما) لا لان الظن قد يخطئ (وأظهرهما) نعم إذا وثق بالاجابة لحصول الاستطاعة وهذا ما اعتمده أصحاب الشيخ أبي حامد وحكوه عن نص الشافعي رضى الله عنه ولو بذل المطيع الطاعة فلم يأذن المطاع فهل يتوب الحاكم عنه فيه وجهان (أصحهما) لا لان مبني الحج علي التراخي وإذا اجتمعت الشرائط ومات المطيع قبل أن يأذن فان مضى وقت امكان الحج استقر في ذمته والا فلا ولو كان له من يطيع ولم يعلم بطاعته فهو كما لو كان له مال موروث ولم يعلم به وشبه ابن الصباع ذلك بما إذا نسى الماء في رحله ففى سقوط الفرض قولان وشبهه صاحب المعتمد بالضل والمغصوب وفي وجوب الزكاة فيهما خلاف قد مر ولك ان تفرق بين الحج وغيره فتقول وجب أن لا يلزم الحج بحال لانه معلق بالاستطاعة ولا استطاعة عند عدم الشعور بالمال والطاعة وإذا بذل الولد الطاعة ثم أراد الرجوع فان كان بعد الاحرام لم يجد إليه سبيلا وإن كان قبله رجع على أظهر الوجهين (والثالثة) أن يبذل الأجنبي الطاعة ففى لزوم القبول وجهان (أصحهما) وهو ظاهر نصه في المختصر أنه يلزم لحصول الاستطاعة كما لو كان الباذل الولد (والثانى) لا يلزم لان الولد بضعة منه فنفسه كنفسه بخلاف غيره والاخ والاب في بذل الطاعة كالأجنبي لان استخدامهما ثقيل وفى بعض تعاليق الطبرية حكاية وجه أن الاب كالابن كما أنهما يستويان في وجوب النفقة وغيره (الرابعة) أن يبذل الولد المال ففى لزوم قبوله وجهان
(احدهما) يلزم كما لو بذل الطاعة (وأصحهما) وبه قال ابن سريج لا يلزم لان المنة في قبول المال أعظم ألا ترى أن الانسان يستنكف عن الاستعانة بمال الغير ولا يستنكف عن الاستعانة ببدنه في الاشغال والوجهان صادران من القائلين بعدم وجوب القبول من الأجنبي فان أوجبناه