أن الوجوب باول الوقت وقد سبق في موضعه (فان قيل) الوجوب وإن ثبت في أول الوقت لكنه موسع فلم يمتنع السفر قبل التيضق (قلنا) الناس في هذه الصورة تبع الامام فلو عجلها تعينت متابعته وسقطت خيرة الناس فيه وإذا كان كذلك فلا يدرى متي يقيم الامام الصلاة فيتعين عليه انتظار ما يكون ذكر هذا الجواب إمام الحرمين رحمة الله عليه وأما قبل الزوال وبعد طلوع الفجر الثاني هل يجوز انشاء السفر فيه قولان (قال في القديم) وحرمله يجوز وبه قال مالك وأبو حنيفة رحمهما الله لانه لم يدخل وقت وجوب الجمعة فأشبه السفر قبل طلوع الفجر (وقال في الجديد) لا يجوز قال أصحابنا العراقيون وهو الاصح لان الجمعة وإن كان يدخل وقتها بالزوال فهي مضافة إلي اليوم ولذلك يعتد بغسل الجمعة قبل الزوال ويجب السعي إليها لمن بعد داره قبل الزوال وعن احمد روايتان كالقولين (أظهرهما) المنع وحكى في النهاية طريقة أخرى قاطعة بالجواز مؤولة قول المنع ولك أن تعلم قوله في الكتاب قولان بالواو اشارة إليها ويجوز أن يعلم لفظ الجواز من قوله اقيسهما الجواز بالالف إشارة إلى الظاهر من مذهب أحمد والحكم بان الجواز أقيس لا ينافى كون المنع أظهر لانه قد يكون أحد طرفي الخلاف
أقرب إلي القياس وإن كان الثاني أظهر فإذا ليس ما في الكتاب مخالفا لما قاله العراقيون وذكر في العدة أن ظاهر مذهب الشافعي رضى الله عنه قوله الجديد والفتوى علي القديم وهو الجواز ثم للقولين شرط (أحدها) وقد ذكره في الكتاب أن يكون السفر مباحا كالزيارة والتجارة أما لو كان واجبا كالحج والجهاد في بعض الاحوال أو مندوبا فلا منع منهما وذلك ليس موضع القولين هكذا قاله كثير من أئمتنا * واحتجوا عليه بما روى أن النبي صلي الله عليه وسلم بعث عبد الله بن رواحة رضي الله عنه في سرية فوافق يوم الجمعة فغدا أصحابه وتخلف هو ليصلى ويلحقهم فلما صلي قال له رسول الله صلي الله عليه وسلم ما خلفك قال أردت أن أصلي معك ثم الحقهم فقال لو أنفقت ما في الارض جميعا ما أدركت فضل غزوتهم " وفى كلام العراقيين وإيرادهم ما يوجب طرد الخلاف في سفر الغزود والله أعلم