قال الله تعالي (قد نرى تقلب وجهك في السماء) الاية ووى أنه صلي الله عليه وسلم (د خل الببت ودعى في نواحيه ثم خرج وركع ركعتين في قبل الكعبة وقال هذه القبلة) واعلم أن الاستقبال يفتقر إلى مستقبل ومستقبل وهو المسمي قبلة ولابد من حالة يقع فيها الاستقبال ومعلوم ان الاستقبال لا يجب في غير حالة الصلاة والحاجة تمس الي الكلام في الامور الثلاثة فلذلك قال والنظر فيه في ثلاثة اركان وهي الصلاة القبلة والمستقبل أولها الصلاة وتنقسم الي فرائض ونوافل أما الفرائض فيتعين الاستقبال فيها الا في حالة واحدة وهى حالة شدة الخوف في القتال فانه يأتي بها بحسب الامكان قال الله تعالي (فان خفتم فرجالا أو ركبانا) قال ابن عمر رضى الله عنهما (مستقبلي القبلة وغير مستقبليها) قال نافع لا أراه ذكر ذلك الا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله في الكتاب إلا في القتال يعنى به حالة شدة الخوف لا مطلق القتال ثم الشرط ان يكون القتال مباحا علي ما سيأتي في صلاة الخوف ان شاء الله تعالي ويلتحق بهذا الخوف ما إذا انكسرت السفينة فبقي علي لوح منها وخاف الغرق لو ثبت على جهة القبلة وكذلك سائر وجوه الخوف فليس القتال معنيا لعينه وانما المعتبر الخوف وأما النوافل فكذلك يجب الاستقبال فيها الا في حالة الخوف وفى السفر على ما سيأتي فالمستثنى في قسم الفرائض حالة واحدة وفي قسم النوافل حالتان والشافعي رضى الله عنه عبر عن الفرض بعبارة اخرى من غير تقسيم الصلوات الي الفرائض والنوافل فقال لا تجوز الصلاة من غير الاستقبال الا في حالتين احداهما
النافلة في السفر والثانية شدة الخوف فان قيل الاستثناء لا ينحصر في هاتين الحالتين ألا ترى أن المريض الذى لا يجد من يوجهه الي القبلة ولا يطيق التوجه معذور وكذلك المربوط على الخشبة قلنا الكلام في القادر على ان يصلي متوجها فاما العاجز فلا يكلف بما ليس في وسعه ولا حاجة الي استثنائه من موارد امكان التكليف وإذا عرفت هذه المقدمة فيتفرع عليها انه لا يجوز فعل الفريضة علي الراحلة لاختلال امر الاستقبال وينبغي أن تعرف من قوله فلا يؤدى فريضة علي الراحلة شيئين (أحدهما) اثه ليس المراد منه الاداء الذى هو ضد القضاء فان الفريضة كما لا تؤدى علي الراحلة لا تقتضي