آكلٍ منها، فقال: معاذَ اللهِ أن آكلَ، لكنْ يأكلُ منها مَنْ سألها، فخافوا فلم يأكلوا، فأطعمَها أهلَ الفاقةِ، وكانوا أكثرَ من ألفٍ، فيهم المرضى والفقراءُ، فأكلوا حتى شبعوا، وإِذا هي كهيئتها حينَ نزلَتْ، ثم طارتْ وما أكل منها فقيرٌ إلا استغنى، ولا مريضٌ إلا عوفيَ، [وكانتْ تنزلُ ضحًى، فيأكلُ منها الأغنياءُ والفقراءُ، فإذا فاءَ الفيءُ، طارتْ] (?)، وكانت تنزلُ يومًا وتغيبُ يومًا كناقةِ ثمودَ، ترعى يومًا، وتَرِدُ يومًا، فلبثت كذلكَ أربعينَ صباحًا، وأوحى الله إليه أنِ اجعلْ رزقي في الفقراءِ دونَ الأغنياءِ، ففعلَ، فعظُمَ على الأغنياءِ، وأذاعوا القبيحَ حتى شَكُّوا وشَكَّكوا فيهِ الناسَ، فوقعتْ فيه الفتنةُ في قلوبِ المرتدِّينَ، ثم أوحى الله إلى عيسى أني آخِذٌ بشرطي من المكذِّبينَ، قد اشترطتُ عليهم أَنّي معذبُ من كفرَ منهم عذابًا لا أُعذِّبُه أحدًا من العالمينَ بعدَ نزولِها، فقال عيسى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فَمُسخ منهم ثلاثُ مئةٍ وثلاثونَ رجلًا، باتوا من ليلتِهم على فُرُشِهم معَ نسائِهم، فأصبحوا خنازيرَ يسعَوْنَ في الطرقاتِ، ويأكلونَ العَذِراتِ، فلما رأى الناسُ ذلكَ، فزعوا إلى عيسى، وبَكَوا، فلما أبصرتِ الخنازيرُ عيسى، بكَتْ وجعلَتْ تُطيف بعيسى، وجعلَ عيسى يدعوهُم بأسمائِهم، فيشيرونَ برؤوسِهم ويبكونَ، ولا يقدرونَ على الكلام، قال الله تعالى لمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ} [الرعد: 6]، وقال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [المائدة: 78]، فسألَ