فَصْلٌ في ذِكْرِ جَمْعِ القُرآن وَكِتَابَتِهِ

كانَ القرآنُ في مدَّةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - متفرِّقًا في صدورِ الرجال، وقد كتبَ الناسُ منهُ في صُحُفٍ، وفي جَريدٍ، وفي خَزَفٍ وغيرِ ذلكَ، فلما تُوُفِّيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقامَ بالأمرِ بعدَه أَحَقُّ الناسِ بهِ أبو بكرٍ الصدِّيقُ -رضي الله عنه-، وقاتل الصحابةُ -رضوانُ الله عليهم- أهلَ الردَّةِ، وأصحابَ مسيلمةَ، وقُتِلَ من الصحابةِ نحوُ الخمسِ مئةٍ، أُشير على أبي بكرٍ بجمعِ (?) القرآنِ في مصحفٍ واحدٍ خشيةَ أن يذهبَ بذهابِ الصحابةِ، فتوقَّفَ في ذلك من حيثُ إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرْ (?) في ذلك بشيء، ثم اجتمعَ رأيُه ورأيُ الصحابةِ على ذلكَ، فأمرَ زيدَ بنْ ثابتٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- بتتبُّعِ القرآنِ وجمعِه، فجمعَهُ في صحفٍ غيرَ مرتَّبِ (?) السُّوَرِ بعدَ تعبٍ شديدٍ منه.

وكانتِ الصحفُ عندَ أبي بكرٍ رضي الله عنه حتى تُوفِّيَ، ثم عندَ عمرَ -رضي الله عنه- بعدَه، ثم عندَ حفصةَ -رضي الله عنها- في خلافةِ عثمانَ -رضي الله عنه-، وانتشرت في خلالِ ذلك صحفٌ في الآفاق كُتبتْ عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015