فعند أبي حنيفة حكمه كالسب من مسلم وكافر كما تقدم، وظاهر كلام أصحاب مالك فيما اطلعت عليه من كتبهم، ومنهم القاضي عياض في "الشفا" (?): أنه كالسب، يقتل به المسلم، ويسقط القتل عن الكافر بإسلامه، وحكى القاضي عياض عن ابن سحنون أنه أوجب على الذمي إذا قذف النبي - صلى الله عليه وسلم - حد القذف، ثم قال: ولكن انظر ماذا يجب عليه، هل حد القذف في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - هو القتل؛ لزيادة حرمته - صلى الله عليه وسلم - على غيره، أم هل يسقط القتل بإسلامه، ويحد ثمانين جلدة؟ فتأمله، انتهى.

وفي مذهب الشافعي ثلاثة أقوال حكاها النووي رحمه الله في "الروضة": أحدها: أنه كالمرتد، والثاني: أنه يقتل حدًّا، والثالث: أنه يجلد ثمانين جلدة (?).

ومذهب أحمد -رضي الله عنه-: أن من قذفه - صلى الله عليه وسلم -، أو قذف أمه، قتل، مسلمًا كان أو كافرًا، فلا تقبل من المسلم توبة، ولا من الكافر إسلامه.

وحكم من سب سائر أنبياء الله وملائكته حكمُ من سب نبينا عليهم السلام، وأما من سب الله سبحانه وتعالى والعياذ بالله من المسلمين بغير الارتداد عن الإسلام، ومن الكفار بغير ما كفروا به من معتقدهم في عزير والمسيح ونحو ذلك، فحكمه حكم من سب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكل من الأئمة الأربعة -رضي الله عنهم- على أصله كما قدمته، والله سبحانه وتعالى أعلم.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015