{وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} هم ألف ملك، فكبرت في جوانب العسكر، وقلعت الأوتاد وأطناب الفساطيط، ولم تقاتل يومئذ، وماجت الخيل بعض في بعض، وقذف الرعب في قلوبهم، فقال طليحة بن خويلد الأسدي: النجاءَ النجاءَ من سحر محمد، فارتحلوا ليلًا منهزمين بغير قتال، وانقلبوا خاسرين، فبلغ ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "الآن نغزوهم ولا يغزونا" (?)، فكان ذلك حتى فتح مكة.
{وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} قرأ أبو عمرو: (يَعْمَلُونَ) بالغيب؛ أي: بما يعمل المشركون من التحزب والمحاربة، وقرأ الباقون: بالخطاب (?)؛ أي: بما تعملون من حفر الخندق.
* * *
{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)}.
[10] {إِذْ جَاءُوكُمْ} بدل من (إِذْ جَاءَتكمْ) {مِنْ فَوْقِكُمْ} من أعلى الوادي من قبل المشرق: بنو غطفان {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} من بطن الوادي من قبل المغرب: قريش.
{وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ} مالت حيرة وشخوصًا من الرعب.
{وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} جمع حنجرة، وهي منتهى الحلقوم.