وتقدم ذكر يونس عليه السلام، ووفاته، ومحل قبره في سورة النساء [الآية: 163]، وتقدم طرف من ذكر قصته في سورة يونس [الآية: 98]، ولنذكر في هذا المحل باقيها باختصار، فنقول وبالله التوفيق: يونس بن متى عليه السلام، قيل: إنه من بني إسرائيل، وإنه من سبط بنيامين، وتزوج بنت رجل من الأولياء اسمه زكريا كان مقيمًا بالرملة، فأقام يونس عنده، ثم بعد وفاة زكريا، توجه إلى بيت المقدس يعبد الله تعالى، وكانت بعثته في أيام يوثم بن عَزِّيا هو أحدِ ملوك بني إسرائيل، وبعثه الله إلى أهل نينوى قبالة الموصل، بينهما دجلة، وكانوا يعبدون الأصنام، فنهاهم وواعدهم العذاب في يوم معلوم إن لم يتوبوا، وضمن ذلك عن ربه -عز وجل-، وخرج يونس من بين أظهرهم، فلما أظلهم العذاب، آمنوا، فكشفه الله عنهم كما تقدم في سورة يونس، وجاء يونس لذلك اليوم، فلم ير العذاب حل بهم، ولا علم بإيمانهم، فذهب مغاضبًا، ودخل في سفينة من سفن دجلة، فوقفت السفينة ولم تتحرك، فقال رئيسها: فيكم من له ذنب، فتساهموا على من يلقونه في البحر، فوقعت المساهمة على يونس، فرموه، فالتقمه الحوت، وسار به إلى الأيكة، وكان من شأنه ما أخبر الله تعالى به.
وملخص قصته: أن الحوت التقمه، فكان يونس يسجد على قلب الحوت، والحوت يقول: يا يونس! أسمعني تسبيح المغمومين، وهو يقول: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}، فتقول الملائكة: "إلهنا! إنا نسمع تسبيح مكروب، كان لك شاكرًا، اللهم فارحمه في كربته وغربته"، واختلف في مدة لبثه، فمنهم من قال: أربعين يومًا، وقيل: ثلاثة أيام، فلما انقضت مدة قدرها الله تعالى له، أمر الحوت أن يرده إلى الموضع الذي أخذه منه، فشق ذلك على الحوت؛ لاستئناسه بذكر الله