[53] رُويَ أن يوسفَ لما قالَ هذهِ المقالَة قالَ له جبريلُ عليهما السلام: ولا حينَ هَمَمْتَ؟ فقالَ: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} (?) من الخطأ.
{إِنَّ النَّفْسَ} أي: جميعَ النفوسِ {لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} بنيلِ شهوتها الرديَّةِ.
{إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} أي: إلا البعضَ الذي رحمَهُ ربي بالعصمةِ.
{إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} قرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ، وأبو عمرٍو: (نَفْسِيَ) (رَبِّيَ) بفتحِ الياءِ فيهما، والباقون: بإسكانها (?)، واختلافُهم في الهمزتينِ من قوله (بِالسُّوءِ إِلَّا) كاختلافِهم فيهما من {هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في سورةِ البقرةِ [الآية: 31].
...
{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54)}.
[54] فلما ظهرتْ براءتُه للملكِ، عرفَ علمَه {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ} أجعَلْه خالِصًا.
{لِنَفْسِي} دونَ غيرِهِ، ووجَّهَ إليه، فأُخرج، وغُسِّلَ من دَرَنِ السجنِ، وألُبسَ ما يليقُ بالدخولِ على الملوكِ، ودعا لأهلِ السجنِ فقالَ: اللهمَّ أعطفْ عليهم قلوبَ الأخيار، ولا تُعَمِّ عليهم الأخبار؛ فهم أعلمُ الناسِ بالأخبارِ، وكتبَ على بابِ السجنِ: هذا قبورُ الأحياء، وبيتُ الأحزان،