[42] ونزل في المنافقين الذين تخلَّفوا عن غزوةِ تبوكَ:
{لَوْ كَانَ} ما تدعوهم إليه يا محمدُ.
{عَرَضًا قَرِيبًا} نفعًا دنيويًّا سَهلَ المأخذِ.
{وَسَفَرًا قَاصِدًا} سهلًا غيرَ شاقٍّ.
{لَاتَّبَعُوكَ} فخرجوا معك {وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} المسافةُ.
{وَسَيَحْلِفُونَ} أي: المخلَّفون.
{بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا} لو كانَ لنا استطاعةُ العدَّةِ والبدَنِ.
{لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ} باليمينِ الكاذبة.
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} لأنهم كانوا مستطيعين.
* * *
{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43)}.
[43] فأذنَ - صلى الله عليه وسلم - لجماعةٍ من المنافقينَ بالتخلُّفِ، فقالَ تعالى مقدِّمًا العفوَ على العَتْبِ تأنيًا وتطيبًا لقلبه - صلى الله عليه وسلم -:
{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} أي: دامَ لكَ العفوُ، وهو افتتاحُ كلامٍ بمنزلةِ: أصلحَكَ اللهُ وأعزَّكَ الله، أخبرَه بالعفوِ قبلَ أن يخبرَهُ بالذنبِ، ولو بدأه - صلى الله عليه وسلم - بقوله {لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} لخيفَ عليه أن ينشقَّ قلبُه من هَيبةِ هذا الكلام، لكنَّ الله تعالى برحمته أخبرَه بالعفوِ حتى سكنَ قلبُه، ثم قالَ له: {لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} بالتخلُّف؟ وهَلَّا أخرتهم {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا} في اعتذارِهم {وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} أي: تعلمَ مَنْ لا عذرَ له، قال ابنُ