{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)}
[59] {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} اللام في (لَقَدْ) للتأكيدِ المنبِّهِ على القسم، أقسمَ اللهُ تعالى أنّه أرسلَ نوحًا، وتقدَّمَ ذِكْرُ نوحٍ -عليه السّلام-، ونسبُه، وقدرُ عمره، ومحلُّ قبرِه في سورةِ آلِ عمرانَ، بعثه اللهُ إلى قومِه وهو ابنُ خمسينَ سنةً، وقيل: ابنُ أربعينَ، وهو قولُ ابنِ عباسٍ، وقيلَ: ابنُ مئتين وخمسين، وقيل: ابنُ ثلاثِ مئةٍ وخمسين، وقال مقاتل: ابنُ مئةِ سنةٍ، وقال وهبُ بنُ منبِّهٍ: بُعث نوحٌ وهو ابنُ أربعِ مئةِ سنةٍ، وهو أولُ نبيٍّ بعثه اللهُ بعدَ إدريس، وكان نجارًا، ومن أولادِه سامٌ وحامٌ ويافثٌ، فسامٌ هو أبو العربِ وفارسَ والرومِ وأهلِ الشامِ وأهلِ اليمنِ، وكان هو القيِّم بعدَ نوحٍ في الأرض، ومن ولدِهِ الأنبياءُ كلُّهم، عربُهم وعجمُهم، وجعلَ اللهُ في ذريته النبوةَ والكتابَ، وهو الّذي اختطَّ مدينةَ القدسِ، وأَسَّس المسجدَ الأقصى، وكان مَلِكًا عليها، وحامٌ أبو السودانِ وأهلِ الهندِ والسندِ والزنْج والحبشةِ والنوبةِ وكلِّ جلدٍ أسودَ، ويافثٌ أبو التركِ ويأجوجَ ومأجوجَ والفرنجِ.
{فَقَالَ} لقومِه، وكانوا أهلَ أوثانٍ: {يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّه} وَحِّدُوهُ.
{مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه} قرأ أبو جعفرِ، والكسائيُّ: (غَيْرِهِ) بكسر الراء على نعتِ الإلهِ حيثُ وقعَ، والباقونَ: بالرفع، على التقديم؛ أي: ما لكم غيرهُ من إلهٍ (?).