ثانياً: الانشغال بالدنيا:

إن الواقع الذي يعيشه بعض هذه الأمة من البعد عن الله، والجرأة على ما حرم الله، والتعامل بالربا، وغير ذلك من المعاصي والآثام؛ أوقعهم في المعيشة الضنك التي توعد الله بها أمثالهم قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} (124 - 126) سورة طه

فبدأ الناس يلهثون وراء الدنيا، ويواصلون الليل بالنهار، لسد تلك الاحتياجات الضرورية فضلاً عن الكمالية وقلما يجد أحدهم وقتاً يقرأ فيه القرآن أو يستمعه، فما أن يعود إلى بيته فيجد نفسه منهكاً متعباً يتمنى رؤية الفراش، فمثله كما روي ذلك عن النبي: - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يبغض كل جعظري جواظ (?)، سخاب في الأسواق، جيفة بالليل، حمار بالنهار، عالم بالدنيا، جاهل بالآخرة» (?).

ولو يعلم هؤلاء الغاية التي خلقوا من أجلها - لتغير حالهم قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (56 - 58) سورة الذاريات. - لوجب عليهم الاعتناء بما خلقوا له والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة، فإنها دار نفاد لا محل إخلاد، ومركب عبور لا منزل حبور، ومشرع انفصام لا موطن دوام، فملكها يفنى، وجديدها يبلى، وكثيرها يقل، وعزيزها يذل، وحيها يموت، وخيرها يفوت،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015