الثالث: أنه اختلاف تفاوت من جهة بليغ من الكلام، ومرذول، إذ لابد للكلام إذا طال من مرذول، وليس في القرآن إلا بليغ، ذكره الماوردي في جماعة) (?).
قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد.
قال الإمام ابن الجوزي - رحمه الله -: {أَمْ} بمعنى: بل، وذكر الأقفال استعارة، والمراد أن القلب يكون كالبيت المقفل لا يصل إليه الهدى، قال مجاهد: الران أيسر إلى الطبع، والطبع أيسر من الإقفال، والإقفال أشد ذلك كله) (?).
عن هشام بن عروة عن أبيه - رضي الله عنه - قال: (تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد. فقال شاب من أهل اليمن: بل عليها أقفالها حتى يكون الله تعالى يفتحها أو يفرجها. فما زال الشاب في نفس عمر - رضي الله عنه - حتى ولي فاستعان به) (?).
وتنكير القلوب: يتضمن إرادة قلوب هؤلاء وقلوب مَنْ هم بهذه الصفة، ولو قال: أم على القلوب أقفالها، لم تدخل قلوب غيرهم في الجملة.
تهويل حال القلوب وتفظيع شأنها بإبهام أمرها في القساوة والجهالة، كأنه قيل: على قلوب منكرة لا يعرف حالها، ولا يقدر قدرها في القساوة.
أو: لأن المراد بها قلوب بعض منهم، وهم المنافقون، فلم يحتج إلى تعريف القلوب، لأنه معلوم أنها قلوب من ذكر) (?).