مَهْجُورًا} (30) سورة الفرقان. لا يريدون أن يسمعوه، وإن دعوا إلى الله قالوا: لا. وقرأ: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} (26) سورة الأنعام. قال: ينهون عنه، ويبعدون عنه.
ترجيح ابن جرير الطبري:
(قال أبو جعفر: وهذا القول أولى بتأويل ذلك، وذلك أن الله أخبر عنه أنهم قالوا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (26) سورة فصلت. وذلك هجرهم إياه) (?).
قال الإمام الألوسي البغدادي - رحمه الله -:
(والمراد بالرسول نبينا - صلى الله تعالى عليه وسلم وشرف وعظم وكرم -، وإيراده عليه الصلاة والسلام بعنوان الرسالة لتحقيق العدل والرد على نحورهم حيث كان ما حكى عنهم قدحاً في رسالته - صلى الله عليه وسلم - أن قالوا: كيت وكيت، وقال الرسول إثر ما شاهد منهم غاية العتو ونهاية الطغيان بطريق البث إلى ربه - عز وجل - والشكوى عليهم {يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي} الذين حكى عنهم ما حكى من الشنائع {اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ} الجليل الشأن المشتمل على ما فيه صلاح معاشهم ومعادهم:
{مَهْجُورًا} أي متروكاً بالكلية، ولم يؤمنوا به ولم يرفعوا إليه رأساً ولم يتأثروا بوعيده ووعده، فمهجوراً من الهَجر بفتح الهاء بمعنى الترك وهو الظاهر، وروي ذلك عن مجاهد والنخعي وغيرهما، واستدل ابن الفرس بالآية على كراهة هجر المصحف وعدم تعهده بالقراءة فيه، وكان ذلك لئلا يندرج من لم يتعاهد القراءة فيه تحت ظاهر النظم الكريم، فإن ظاهره ذم الهجر مطلقاً وإن كان المراد به عدم