وأبينها، وأوسعها، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس؛ فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات) (?).
وبَيَّنَ اللهُ - تعالى - الحكمة من إنزاله بلغة العرب فقال: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (2) سورة يوسف. {قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (28) سورة الزمر. {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (3) سورة فصلت.
وإذا كان العبد لا يعرف لغة العرب ولا أساليب كلامهم؛ فأنى له أن يفهم مقصود ربه - سبحانه وتعالى - أو يتدبر آيات القرآن الكريم) (?).
ذكر الإمام القرطبي - رحمه الله -:
(أن أعرابياً قدم المدينة فقال: مَنْ يقرئني مما أُنْزِلَ على محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ فأقرأه رجل سورة براءة حتى أتى على الآية الكريمة: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} (3) سورة التوبة. فقرأها عليه بالجر {وَرَسُولِهِ} - أي بالكسرة تحت اللام -، فقال الأعرابي: وأنا أيضاً أبرأ من رسوله، فاستعظم الناس الأمر. وبلغ ذلك عمر فدعاه، فقال: يا أعرابي! أتبرأ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! فقال: يا أمير المؤمنين! قدمت المدينة فأقرأني رجل سورة براءة، فقلت: إن يكن الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منه. فقال عمر: ما هكذا الآية يا أعرابي!. قال: فكيف يا أمير المؤمنين؟ فقرأها عمر عليه بالضم {وَرَسُولُهُ}. فقال الأعرابي: وأنا أبرأ مما برئ اللهُ ورسولُه منه. فأمر عمر ألا يُقْرِئُ الناس إلا عالمٌ بلغة العرب) (?).