شيئاً، وتعاهدوا على عدم العودة إلى سماع القرآن مرة أخرى، وعلى الرغم من ذلك، تكرر منهم هذا الأمر مرتين بعد ذلك؛ لسيطرة القرآن على قلوبهم، وتأثرهم بآياته ولكن يمنعهم الكبر والحسد أن يؤمنوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتمنوا أن ينزل القرآن على عظيم من العظماء من القريتين (مكة والطائف) قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} (31) سورة الزخرف.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ عليه القرآن فكأنه رَقَّ له، فبلغ ذلك أباجهل فأتاه، فقال: يا عم! إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً قال: لم؟ قال: ليعطوكه فأنت أتيت محمداً تعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر لما قال. قال: وماذا أقول، فوالله ما منكم رجل أعرف بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه، ولا بقصيدة مني، ولا بأشعار الجن مني، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا ووالله إن لقوله الذي يقوله حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وأنه ليعلو ولا يعلى، وأنه ليحطم ما تحته. قال: لا يرضى عنك قولك حتى تقول فيه قال: قف عني حتى أفكر فيه. فلما فكر، قال: إن هذا إلا سحر يؤثر يأثره عن غيره فنزلت: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ...} [المدثر:11 - 30] (?).