قاله هنا بلام التأكيد، وقاله في لقمان بدونها، لأن الصبر على مكروهٍ حَدَث بظلم كقتل ولد، أشدُّ من الصبر على مكروهٍ حدث بلا ظلم كموت ولدٍ، كما أن العزم على الأول أوكدُ منه على الثاني، وما هنا من القبيل الأول، فكان أنسبَ بالتوكيد، وما في لقمان من القبيل الثاني فكان أنسب بعدمه.
5 - قوله تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِفَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يشاءُ الذكور) .
فإن قلتَ: لمَ قدَّم الِإناثَ مع أنَّ جهتهنَّ التأخير، ولمَ عرَّف الذكورَ دونهنَّ؟
قلتُ: لأن الآية سيقتْ لبيان عظمة مُلكه ومشيئته، وأنه فاعلٌ ما يشاءُ، لا ما يشاؤه عبيدُه كما قال " ما كانَ لهم الخِيَرَةُ ". ولما كان الِإناثُ ممَّا لا يختاره العبادُ، قدَّمهنَّ في الذِّكر، لبيان نفوذِ إرادته ومشيئته، وانفراده بالأمر، ونكَّرهنَّ وعرَّف الذكور لانحطاط رتبتهنَّ، لئلا يُظنَّ أن التقديم كان لأحقيتهنَّ به، ثم أعطى كل جنسٍ حقَّه من التقديم والتأخير، ليُعلم أن تقديمهنَّ لم يكن لتقدمهنَّ، بل