هو شيخ الإسلام أبو يحيى زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي المصري الشافعي
ولد بقرية الحلمية (سنيكة قديماً) - مركز أبوحماد - محافظة الشرقية*
قاض، مفسر، من حفاظ الحديث.
ولد في سنيكة (بشرقية مصر) سنة 823 هـ، وتعلم في القاهرة، وكف بصره سنة 906 هـ.
نشأ فقيرا معدما، قيل: كان يجوع في الجامع فيخرج بالليل يلتقط قشور البطيخ فيغسلها ويأكلها.
وكما ظهر فضله تتابعت إليه الهدايا والعطايا، بحيث كان له قبل دخوله في منصب القضاء كل يوم نحو ثلاثة آلاف درهم، فجمع نفائس الكتب وأفاد القارئين عليه علما ومالا.
وولاه السلطان قايتباي الجركسي (826 - 901) قضاء القضاة، فلم يقبله إلا بعد مراجعة والحاح.
ولما ولي رأى من السلطان عدولا عن الحق في بعض أعماله، فكتب إليه يزجره عن الظلم، فعزله السلطان، فعاد إلى اشتغاله بالعلم إلى أن توفي سنة 926 هـ.
له تصانيف كثيرة، منها:
- (فتح الرحمن) في التفسير.
- تحفة الباري على صحيح البخاري.
- (فتح الجليل) تعليق على تفسير البيضاوي.
- (شرح إيساغوجي) في المنطق.
- (شرح ألفية العراقي) في مصطلح الحديث.
- (شرح شذور الذهب) في النحو.
- (تحفة نجباء العصر) في التجويد.
- (اللؤلؤ النظيم في روم التعلم والتعليم) رسالة.
- (الدقائق المحكمة) في القراءات.
- فتح العلام بشرح الاعلام بأحاديث الاحكام.
- (تنقيح تحرير الباب) في الفقه.
- (غاية الوصول) في أصول الفقه.
- (لب الاصول) اختصره من جمع الجوامع.
- (أسنى المطالب في شرح روض الطالب) في الفقه.
- (الغرر البهية في شرح البهجة الوردية) في الفقه.
- (منهج الطلاب) في الفقه.
- (الزبدة الرائقة) رسالة في شرح البردة.
وترجم له ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب (8 / 134 - 136) في وفيات سنة 925 هـ، وقال: (وفيها شيخ الاسلام قاضي القضاة زين الدين الحافظ زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الانصاري السنبكي ثم القاهري الازهري الشافعي.
قال في
النور: ولد سنة ست وعشرين وثمنمائة بسنيكة من الشرقية، ونشأ بها، وحفظ القرآن وعمدة الاحكام وبعض مختصر التبريزي، ثم تحول إلى القاهرة سنة إحدى وأربعين، فقطن في جامع الازهر وكمل حفظ المختصر ثم حفظ المنهاج الفرعي والالفية النحوية والشاطبية والرائية وبعض النهاج الاصلي ونحو النصف من ألفية الحديث ومن التسهيل إلى (كاد) وأقام بالقاهرة يسيرا، ثم رجع إلى بلده وداوم الاشتغال وجد فيه.
وكان ممن أخذ عنه القاياني والعلم البلقيني والشرف السبكي والشموس الوفائي والحجازي والبدرشي والشهاب بن المجدي والبدر النسابة والزين البوشنجي والحافظ ابن حجر والزين رضوان في آخرين.
وحضر دروس الشرف المناوي، وأخذ عن الكافيجي وابن الهمام ومن لا يحصى كثرة.
ورجع إلى القاهرة، فلم ينفك عن الاشغال والاشتغال مع الطريقة الجميلة والتواضع وحسن العشرة والادب والعفة والانجماع عن أبناء الدنيا مع التقلل وشرف النفس ومزيدة العقل وسعة الباطن والاحتمال والمداراة وأذن له غير واحد من شيوخه في الافتاء والاقراء، منهم شيخ الاسلام ابن حجر، وتصدى للتدريس في حياة شيوخه، وانتفع به الفضلاء طبقة بعد طبقة، وألف ما لا يحصى كثرة فلا نطيل بذكرها، إذ هي أشهر من الشمس.
وقصد بالفتاوى، وزاحم كثيرا من شيوخه فيها.
ورويته أحسن من بديهته، وكتابته أمتن من عبارته، وعدم مسارعته إلى الفتاوى يعد من حسناته.
وله الباع الطويل في كل فن، خصوصا التصوف.
وولي تدريس عدة مدارس إلى منصب قضاء القضاة بعد امتناع كثرة، وذلك في رجب سنة ست وثمانين، واستمر قاضيا مدة ولاية الاشرف قايتباي، ثم بعد ذلك، إلى أن كف بصره فعزل بالعمر.
ولم يزل ملازم التدريس والافتاء والتصنيف وانتفع به خلائق لا يحصون منهم ابن حجر الهيتمي، وقال في معجم مشايخه: وقدمت شيخنا زكريا لانه أجل من وقع عليه بصري من العلماء العاملين والائمة الوارثين، وأعلى
من عنه رويت ودريت من الفقهاء الحكماء المهندسين، فهو عمدة العلماء الاعلام وحجة الله على الانام، حامل لواء المذهب الشافعي على كاهله ومحرر مشكلاته وكاشف عويصاته في بكره وأصائله، ملحق الاحفاد بالاجداد، المتفرد في زمنه بعلو الاسناد، كيف ولم يوجد في عصره إلا من أخذ عنه مشافهة أو بواسطة أو بوسائط متعددة، بل وقع لبعضهم أنه أخذ عنه مشافهة تارة وعن غيره ممن بينه نحو سبع وسائط تارة أخرى، وهذا لا نظير له في أحد اهل عصره، فنعم هذا التمييز الذي هو عند الائمة أولى به وأحرى، لانه حاز به سعة التلامذة والاتباع وكثرة الاخذين عنه ودوام الانتفاع. انتهى.
وتوفي رحمه الله تعالى يوم الجمعة رابع ذي الحجة بالقاهرة، ودفن بالقرافة بالقرب من الإمام الشافعي رضي الله عنه.
وجزم في الكواكب بوفاته في السنة التي بعدها، قال: (عاش مائة وثلاث سنين) انتهى.