كتاب القضاء

أي: الحكم، وهو في الأصل يقال لإتمام الشيء وإمضائه وإحكامه، سمي بذلك؛ لأن القاضي يتمم الأمر ويحكمه ويمضيه.

والأصل فيه قبل الإجماع: آيات؛ كقوله تعالى: {وأم احكم بينهم بما انزل الله} [المائدة: 49]، وقوله: {فاحكم بينهم بالقسط} [المائدة: 42]، وقوله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس} [الزمر: 2]، وأخبار: كخبر "الصحيحين": "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ .. فله أجر، وإن أصاب .. فله أجران"، وفي رواية صحح الحاكم إسنادها: "فله عشرة أجور"، وروى البيهقي خبر: "إذا جلس الحاكم للحكم .. بعث الله تعالى له ملكين يسددانه ويوفقانه، فإن عدل .. أقاما وإن جار .. عرجا وتركاه".

وما جاء في التحذير من القضاء؛ كقوله: "من جاء قاضياً .. ذبح بغير سكين". محمول على عظم الخطر فيه، أو على من يكره له القضاء، أو يحرم على ما سيأتي.

[حكم تولي القضاء]

وهو فرض كفاية في حق الصالحين له في الناحية، فيولي فيها أحدهم ليقوم به، فإن تعين له فيها واحد؛ بأن لم يصلح غيره .. لزمه طلبه، وقبوله إذا وليه، وإن لم يتعين له واحد؛ بأن كان معه غيره: فإن كان غيره أصلح وكان يتولاه .. فللمفضول القبول، ويكره طلبه، ويستحب للفاضل الطلب والقبول، وإن كان الأصلح لا يتولاه .. فهو كالمعدوم، وإن كان مثله .. فله القبول، ويندب له الطلب إن كان خاملاً يرجو به نشر العلم، أو كان محتاجاً إلى الرزق، ويحصل به من بيت المال، وإلا .. فالأولى له تركه، ويكره له الطلب، والاعتبار في التعين وعدمه بالناحية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015