كلام علماء الأصول:
قال صاحب كتاب طريق الوصول إلى إبطال البدع بعلم الأصول بعد ما ذكر قاعدة أصولية نفيسة ما نصه: من هذه القاعدة الجليلة تعلم أن أكثر ما تفعله العامة من البدع المذمومة ولنذكر لك أمثلة:
الأول: قراءة القرآن على القبور رحمة بالميت، تركه النبي صلى الله عليه وسلم وتركه الصحابة مع قيام المقتضى للفعل، والشفقة للميت وعدم المانع منه، فبمقتضى القاعدة المذكورة يكون تركه هو السنة وفعله بدعة مذمومة، وكيف يعقل أن يترك الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاًً نافعاً لأمته يعود عليها بالرحمة ويتركه الرسول صلى الله عليه وسلم طول حياته ولا يقرأه على ميت مرة واحدة؟
الثاني: قراءة الصمدية بعدد معلوم أو الجلالة بعدد معلوم. القرآن في ذاته عبادة لقارئه يتقرب بقراءته وبسماعه إلى الله تعالى ولا ينازع في ذلك أحد، إنما النزاع في قراءته للميت ليكون عتقاً لرقبته من النار.
مع العلم بأن القرآن ما نزل للأموات وإنما نزل للأحياء نزل ليكون تبشيراً للمطيع وإنذاراً للعاصي، نزل لنهذب به نفوسنا ونصلح به شؤوننا، أنزل الله القرآن كغيره من الكتب السماوية ليعمل على طريقه العاملون، ويهتدي بهديه المهتدون، قال جل شأنه: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).
فهل سمعتم أن كتاباً من الكتب السماوية قرىء على الأموات أو أخذت عليه الأجور والصدقات؟ ويقول الله خطابا لنبيه (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ).
أكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على أصحابه عدداً معلوماً من