وقوله: " فانتهى الناس عن القراءة " مدرج في الخبر كما بينه الخطيب، واتفق عليه البخاري في التاريخ وأبو داود ويعقوب ابن سفيان والذهلي والخطابي وغيرهم.

قال النووي: وهذا مما لا خلاف فيه بينهم والاستدلال به على عدم قراءة المؤتم خلف الإمام خارج عن محل النزاع، لأن الكلام في قراءة المؤتم خلف الإمام سراً والمنازعة إنما تكون مع جهر المؤتم لا مع إسراره، وأيضاً لو سلم دخول ذلك في المنازعة لكان هذا الاستفهام الذي للإنكار عاماً لجميع القرآن أو مطلقاً في جميعه وحديث عبادة خاص أو مقيد.

وقد أجاب المهدي في البحر عن حديث عبادة بأنه معارض بهذا الحديث وهي من معارضة العام بالخاص وهو لا يعارضه، أما على قول من قال من أهل الأصول إنه يبنى العام على الخاص مطلقاً وهو الحق فظاهر، وأما على قول من قال إن العام المتأخر عن الخاص ناسخ له وإنما يخصص المقارن والمتأخر بمدة لا يتسع فكذلك أيضاً لأن عبادة روى العام والخاص في حديثه، فهو من التخصيص بالمقارن فلا يعارض بالمقام على جميع الأقوال.

وأما الاحتجاج بحديث جابر فلم يصل إلا وراء الإمام فهو مع كونه غير مرفوع: مفهوم لا يعارض بمثله منطوق حديث عبادة.

وإذا تقرر لك هذا فقد عرفت مما سبق وجوب الفاتحة على كل إمام ومأموم في كل ركعة وعرفناك أن تلك الأدلة صالحة للاحتجاج بها على أن قراءة الفاتحة من شروط صحة الصلاة وأدلة أهل الخلاف عمومات، وحديث عبادة خاص وبناء الخاص على العام واجب كما تقرر في الأصول، وهذا لا محيص عنه.

والآية الكريمة وما على نحوها من القرآن والحديث لا دلالة فيها على المقصود فمن زعم أنها تصح صلاة من الصلوات أو ركعة من الركعات بدون فاتحة الكتاب فهو محتاج إلى إقامة برهان يخصص تلك الأدلة، ومن هنا يتبين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015