سبحانه في ذلك حكمة لا تبلغها العقول ولا تدركها الأفهام، فإن الله سبحانه لو جاء لرسوله- صلى الله عليه وسلم - بآية تضطرهم إلى الإيمان لم يبق للتكليف الذي هو الابتلاء والامتحان معنى (?).

ولهذا قال: (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) ولكنه لم يشأ ذلك ولله الحكمة البالغة (فلا تكونن من الجاهلين) فإن شدة الحرص والحزن لإعراض الكفار عن الإجابة قبل أن يأذن الله بذلك هو صنيع أهل الجهل ولست منهم فدع الأمور مفوضة إلى عالم الغيب والشهادة فهو أعلم بما فيه المصلحة، ولا تحزن لعدم حصول ما يطلبونه من الآيات التي لو بدا لهم بعضها لكان إيمانهم بها اضطراراً لخروجه عن الحكمة التشريعية المؤسسة على الاختيار، وإنما نهاه عن هذه وغلظ له الخطاب تبعيداً له عن هذه الحالة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015