عبرة وشغل، أخرجه ابن أبي حاتم (?).
وفي الآية دليل على أن الإشتغال بالدنيا والمكاثرة بها والمفاخرة فيها من الخصال المذمومة، والشرع دل على أن التكاثر والتفاخر في السعادات الحقيقية غير مذموم، فيجوز للإنسان أن يفتخر بطاعاته وحسن أخلاقه إذا كان يظن أن غيره يقتدي به.
وقال سبحانه ألهاكم التكاثر ولم يقل عن كذا بل أطلقه لأن الإطلاق أبلغ في الذم لأنه يذهب فيه الوهم كل مذهب، فيدخل فيه جميع ما يحتمله المقام، لأن حذف المتعلق مشعر بالتعميم كما تقرر في علم البيان.
والمعنى أنه شغلكم التكاثر عن علم كل شيء يجب عليكم الإشتغال به من طاعة الله.
والعمل للآخرة، وعبر عن موتهم بزيارة المقابر لأن الميت قد صار إلى قبره كما يصير الزائر إلى الموضع الذي يزوره، هذا على قول من قال إن معنى زرتم المقابر متم، وأما على قول من قال إن معنى زرتم المقابر، ذكرتم الموتى وعددتموهم للمفاخرة والمكاثرة فيكون ذلك على طريق التهكم بهم وقيل إنهم كانوا يزورون المقابر فيقولون هذا قبر فلان وهذا قبر فلان يفتخرون بذلك.