وأما علمُ الحديثِ درايةً - وَهُوَ المرادُ عِنْدَ الإطلاقِ، كما في النَّظْمِ - فَهُوَ: علمٌ يعرفُ بِهِ حالُ الراوي والمرويِّ (?) من حيثُ القبولُ والردُّ.
وموضوعُهُ: الراوي والمرويُّ من حيثُ ذَلِكَ.
وغايتُهُ: معرفةُ ما يُقْبَلُ وما يُرَدُّ مِنْ ذَلِكَ.
ومسائلُه: ما يُذكَرُ (?) في كُتُبِهِ من المقاصدِ.
(نَظَمْتُها) أي: المقاصدَ. أي: جمعتُها عَلَى بحرٍ يُسَمَّى بـ: بحرِ الرَّجَزِ (?).
(تبصرةً للمُبتدِيْ) - بترك الهمزة - يتبصَّرُ بها ما لَمْ يعلَمْهُ. و (تذكرةً للمُنتهِي) يتذكرُ بها ما عَلِمَهُ وغَفَلَ عَنْهُ.
(و) للراوي (المُسنِدِ) - بكسرِ النونِ -: الذي اعتنى بالإسنادِ خاصَّةً، يتبصَّرُ، أَوْ يتذكرُ بها كيفيَّةَ التحمُّلِ والأداءِ ومتعلقاتِهِمَا (?).
والمبتدي: مَنْ حَصَّلَ شيئاً ما (?) من الفنِّ.
والمنتهي: مَنْ حَصَّلَ مِنْهُ أكثرَهُ، وصلَحَ لإفادتِهِ.
والمتوسِّطُ مفهومٌ بالأَوْلَى، فلا (?) يَخْرُجُ عنهما؛ لأنَّهُ بالنسبةِ لما أتقنَهُ مُنْتَهٍ، ولما لَمْ يُتْقِنْهُ مُبْتَدٍ.
ويُقالُ: مَنْ شَرَعَ في فنٍّ فإنْ لَمْ يستقلَّ بتصوُّرِ (?) مسائلِهِ فمُبْتَدٍ، وإلاَّ فمُنْتهٍ، إنِ استحضرَ غالبَ أحكامِهِ، وأمْكَنَهُ الاستدلالُ عَلَيْهَا، وإلاَّ فمتوسِّطٌ.