وَقَدْ رَحَلَ جَابرُ بنُ عَبْدِ اللهِ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ أنِيسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - مَسِيْرَةَ شَهْرٍ في حَدِيْثٍ وَاحِدٍ (?).
وإذ رحَلْتَ فاسْلُك مَا سلَكْتَهُ في مِصْرِكَ مِنَ الابتِداءِ بالأهمِّ فالأَهَمِّ، (ولا تَسَاهَلْ) - بفتحِ التَّاء - (حَمْلاَ) أي: ولا تَتَسَاهَلْ في التَّحَمُّلِ، وَالسَّمَاعِ، بِحَيْثُ تُخِلُّ بِمَا عَلِيْكَ. ولا تَشْتَغِلْ في الغربةِ إلا بِمَا تَسْتَحِقُّ لأجْلِهِ الرِّحْلَة، فشهوةُ السَّمَاعِ - كَمَا قَالَ الْخَطِيْبُ (?) - لا تَنْتَهِي، والنَّهْمَةُ من الطَّلَبِ لا تَنْقَضِي، والعِلْمُ كالْبِحَارِ الْمُتَعَذَّرِ كَيْلُهَا، والْمَعَادِنِ التِي لا يَنْقَطِعُ نَيْلُهَا (?).
(واعملْ بِمَا تَسْمَعُ) بِمِصْرِكَ، وغيرِهَا مِنَ الأحَادِيْثِ التِي يُعْمَلُ بِهَا (في الفَضَائِلِ) والتَّرْغِيباتِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: ((يا رَسُوْلَ اللهِ! ما يَنْفِي عَنِّي حجَّةَ الْجَهْلِ؟ قَالَ: العِلْمُ. قَالَ: فَمَا يَنْفِي عَنِّي حجَّةَ العِلْم؟ قَالَ: العَمَلُ)) (?).
وَقَالَ (?) إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلُ بنِ مجمَّعٍ: ((كنَّا نَسْتَعِينُ عَلَى حِفْظِ الْحَدِيْثِ بالعَمَلِ بِهِ)) (?).
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: ((مَا كَتَبْتُ حَدِيْثاً إلاَّ وَقَدْ عَمِلْتُ بِهِ، حَتَّى مَرَّ بِي في الْحَدِيْثِ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - احتَجَمَ، وأعْطَى أبَا طيبةَ دِيْنَاراً (?)، فأعْطَيتُ الْحَجَّامَ دِيْنَاراً حِيْنَ احْتَجَمْتُ)) (?).