قَالَ خَلَفُ بنُ تميمٍ: سَمِعتُ مِن سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَشَرَةَ آلافِ حَدِيثٍ، أَوْ نحوَها، فَكُنتُ استفهمُ جَليْسي، فقلتُ لزائدةَ، فَقَالَ لي: لا تحدِّثْ مِنها إلاَّ بما تَحْفَظُ بقلبِكَ، وتَسْمَعُ بأُذُنِكَ. قَالَ: فألقيتُها (?).

(و) أَيْضاً، فالحافظُ أَبُو مُحَمَّدٍ (خَلَفُ بنُ سَالِمٍ) المُخَرِّمِيُّ - بتشديدِ الرّاءِ المكسورةِ - نسبةً إلى ((المُخَرِّمِ)) مَحلَّةٍ ببغدادَ (?) (قَدْ قَالَ: نَا) مُقتصراً عَلَى النُّونِ والألفِ (إِذْ فَاتَهُ ((حَدَّثَ)) مِنْ حَدَّثَنَا مِن قَوْلِ) شيخِهِ (سُفْيَانَ) ابنِ عُيَيْنَةَ، حِيْنَ تَحْدِيثِهِ عَنْ عَمْرِو بنِ دينارٍ.

فَكانَ يُقالُ لَهُ: قُلْ: حَدَّثَنَا، فَيَمْتَنِعُ، وَيَقُولُ: إنَّه لِكَثْرةِ الزِّحامِ عِنْدَ سُفْيَانَ، لَمْ أسْمَعْ شيئاً مِن حُروفِ ((حَدَّثَ)) (?).

هَذَا (وسُفْيَانُ) شَيْخُهُ (اكْتَفَى بِ‍) ‍‍سَمَاعِ (لَفْظِ مُسْتَمْلٍ عَنِ الْمُمْلِي) أي: لَفظِهِ؛ إِذْ الْمستمْلِي (اقْتَفى) أي: اتَّبعَ لفظَ الْمُمْلِي.

وَذَلِكَ أنَّ أبا مُسْلِمٍ المُسْتَملِي، قَالَ لِسُفْيَانَ: الناسُ كَثِيْرٌ لاَ يَسْمَعونَ. فَقَالَ: أتسمعُ أنتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فأسْمِعْهُم (?).

ولعلَّ سَمَاعَ خَلَفٍ لَمْ يَكُنْ في الإملاءِ.

وَهذا هُوَ الذِي عَلَيْهِ العَمَلُ مِنَ الأكابرِ الَّذينَ كَانَ يعظمُ الجمعُ فِي مَجالِسِهِم، أنَّ مَنْ سَمعَ المُسْتَمْلِي دُوْنَ الْمُمْلِي، جازَ لَهُ أنْ يَرْويَهُ عَنِ الْمُمْلِي، لَكِنْ بشرطِ أنْ يسمعَ الْمُمْلِي لفظَ المُسْتَمْلِي، كالعرضِ؛ لأنَّ المسْتَمْلِي في حُكْمِ القارئِ عَلَى الْمُمْلِي (?).

وحينئذ، فَلا يُقال في الأداءِ لِذلِكَ: ((سَمِعْتُ فلاناً))، كَمَا مَرَّ في العَرْضِ، بَلِ الأحوطُ بيانُ الواقِعِ، كَمَا فَعَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الأئِمَّةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015