وَلَيْسَ قَبُولُ جَرحِ أحدِهما بأولى مِنَ الآخَرِ، بخلافِ شَهادةِ الفرعِ، فإنَّ تكذيبَ الأصْلِ لَهُ جَرْحٌ لَهُ فِي تِلْكَ الشهادةِ، وفرقَ بغلظِ بابِ الشَّهادةِ وضيقِهِ (?).
(وَارْدُدْ) أنت إذَا تعارضا (مَا جَحَدْ) الشَّيْخُ لكذبِ واحدٍ مِنْهُمَا لا بِعَينِهِ، لَكِنْ لَوْ حدَّثَ بِهِ الشَّيْخُ أَوْ ثِقَةٌ غَيْرُ الأَوَّلِ عَنْهُ، وَلَمْ يكذبْهُ قُبِلَ.
أما إذَا لَمْ يصرِّحْ بتكذيبِه، فإنْ جزمَ بالردِّ، كقولِهِ: ((مَا رويتُ هَذَا))، أَوْ ((مَا حدَّثْتُ بِهِ))، أَوْ ((لَمْ أُحدِّثْ (?) بِهِ)) فحكْمُهُ كَذلِكَ، كَمَا قَالَهُ ابنُ الصَّلاحِ (?) تَبَعاً لِغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ (?) فِي شَرْحِهِ (?)، وكذا شَيْخُنا فِي " شَرْحِ النُّخْبةِ " (?) لكنهُ نَقَلَ فِي " شرحِ البُخَارِيِّ " عَنْ جُمْهُورِ المُحَدِّثِيْنَ قَبُولَهُ حَمْلاً لما قَالَهُ عَلَى النِّسيانِ (?).
(وإنْ يَردَّهُ (?) ب) قولِهِ (لاَ أذْكُرُ) هَذَا، أَوْ لا أعرفُ أني حَدَّثْتُهُ بِهِ، (أَوْ) نحوُهما مِنْ (مَا يَقْتَضِي)، يعني: يَحْتَمِلُ (نِسيانَهُ)، ك ((لا أعرفُ أنَّه من حديثي)) (?)، (فَقَدْ رَأوا) أي: جُمْهُورُ المُحَدِّثِيْنَ (الحُكْمَ للذَّاكرِ)، وَهُوَ الرَّاوِي عَنْهُ، كَمَا هُوَ (عِنْدَ الْمُعْظَمِ) مِنَ الفُقَهَاءِ (?)، والْمُتكلِّمينَ، وَصَحَّحَهُ جماعاتٌ (?) مِنْهُمْ ابنُ الصَّلاحِ (?)؛ لأنَّ الرَّاوِيَ مثبتٌ والشيخَ نافٍ، ولأنَّهُ ثقةٌ جازمٌ، فَلا تُرَدُّ روايتُهُ بالاحتمالِ؛ لأنَّ الشَّيْخَ غَيْرُ جازمٍ بالنفي، لاحتمالِ نسيانِهِ.