الجاهلين، فظهرت المصنفات والجوامع والسنن والمسانيد والأجزاء والمشيخات وغيرها في صور عدة وضروب كثيرة، حرصاً واحتفاظاً واعتزازاً بسنة الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وكان لابد من ظهور مؤلفات تُبين مصطلحات المحدثين في كتبهم ودروسهم، تكشف عما يريدون من إطلاقاتهم وأقوالهم. فظهر عددٌ من المؤلفات في القرون التِي تلت عصر الرواية ومما لا شك فيه أنَّ من أحسنها تصنيفاً وأعمها نفعاً كتاب الحافظ أبي عَمْرو عثمان بن عَبْد الرَّحْمَان الشهرزوري المشهور بـ: ابن الصَّلاَح (577 - 643 هـ) المسمى: " مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث " (?) الَّذِي لا يُحصى عدُّ من شرحه واختصره ونظمه ونكَّت عَلَيْهِ.
ولِمَا تميز بِهِ كتاب ابن الصَّلاَح من أهمية يعرفها المختصون بهذا الشأن؛ إذ اشتهر هَذَا الكِتَاب أيما اشتهار، وذاع صيته بَيْنَ الأنَامِ، وحرص عَلَى تحصيله القريب والبعيد. وَقَدْ هيأ الله لهذا الكِتَاب التعاليق الكثيرة والشروح المستفيضة. وَكَانَ من الَّذِيْنَ قيظهم الله لخدمة هَذَا الكِتَاب النفيس الحَافِظ زين الدين أَبُو الفضل عَبْد الرحيم بن الْحُسَيْن العراقي
(ت806 هـ) فنظم كتاب ابن الصَّلاَح في أرجوزة ربتْ عَلَى ألف بيت من الشعر (?). وَكَانَ لهذا النظم من المزايا والمنافع الشيء الكثير لما احتواه من زيادات وإيضاحات واستدراكات. وقد كتب الله لهذه الأرجوزة القبول فتسابق الناس في حفظها، وأخذوا في شرحها وإيضاحها. فكان من تِلْكَ الشروح الكثيرة هَذَا الكِتَاب الَّذِي بَيْنَ أيدينا، وَهُوَ شرح نفيس للغاية إِذْ امتاز بشرح وبيان المسائل اللغوية والصرفية والعروضية والتنبيه عَلَى ضرورات الشعر، وما إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ من الميزات العديدة التِي احتواها هَذَا الشرح المبارك.
ولم يكتب - الباري عز وجل - لهذا الكِتَاب أن يطبع من قَبْل محققاً تحقيقاً علمياً رصيناً رضياً عَلَى الرغم من أهميته ونفاسته، كُلّ هَذَا دفعنا إِلَى إعادة طبعه بالشكل الَّذِي يسر كُلّ محب لسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.