وبما قرَّرتُه في الاشتهارِ، سقطَ الاعتراضُ بأنَّ الخطَّابيَّ لَمْ يميِّزِ الحَسنَ مِنَ الصَّحِيحِ، ولا من الضَّعِيفِ.
(وَقَالَ) الحافِظُ أَبُو عِيسى مُحَمَّدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرَةَ (التِّرْمِذِيُّ) ... - بكسرِ التاءِ والميمِ عَلَى المشهورِ، وبالمُعجَمةِ -نسبةً إلى تِرْمِذَ مدينةٍ بطرفِ جَيْحُوْنَ نهرِ بَلْخَ (?) - في " العِللِ " التي في آخر جامعِهِ ما حَاصِلُهُ: الحسنُ عندنا: (ما سَلِمْ مِنَ الشُّذوذِ مَعَ راوٍ) أي: مَعَ أنَّ راوياً من رُواتِهِ (ما اتُّهِمْ بِكَذِبٍ) بأن لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَعمُّدُهُ (?).
ولَمَّا شَمِلَ هَذَا مَا كَانَ بَعْضُ رواتهِ سَيِّيءَ الحِفظِ، أَوْ مستوراً، أَوْ مدلِّساً بالعَنْعَنَةِ، أَوْ مخْتَلِطاً، شَرَطَ شَرْطاً آخرَ؛ فقالَ: (وَلَمْ يَكُنْ فَرْداً وَرَدْ)، بَلْ جَاءَ مِن وجهٍ آخرَ فأكثرَ، مِثْلَهُ، أَوْ فوقَهُ، بلفظِهِ، أَوْ بِمعناهُ؛ لِيتَرجَّحَ بِهِ أحدُ الاحتمالينِ.
لأنَّ سيِّيءَ الحفظِ -مثلاً- يُحتملُ أَنْ يكونَ ضَبَط مرويَّهُ، ويُحتملُ خلافُه. فإذا وَرَدَ مثلُ ما رَواهُ مِن وجهٍ آخرَ، غَلَبَ عَلَى الظنِّ أنَّه ضَبَطَ.
واعتُرِضَ عَلَيْهِ: بأنَّ مَا حدَّ بِهِ الحَسنَ، لَمْ يميِّزْهُ عَنْ الصَّحِيحِ، وَرَدَّه بأنَّه مَيَّزَهُ عَنْهُ، حيثُ شَرَطَ فِيهِ أن يُرْوَى مِن وجهٍ آخرَ، دُوْنَ الصَّحِيحِ (?).
رُدَّ بأنّهُ لَمْ يَشترطْ (?) ذَلِكَ في كلِّ حَسَنٍ، بَلْ فيما قَالَ فِيهِ: حَسَنٌ فَقَطْ، وَهُوَ الحسنُ لغيرهِ، دُوْنَ ما قَالَ فِيهِ: ((حَسَنٌ صَحِيْحٌ))، أَوْ ((حسنٌ غريبٌ))، أَوْ ((حسنٌ صَحِيْحٌ غريبٌ)) وَهُوَ الحسنُ لذاتِهِ (?).
كَمَا أشارَ إلى ذَلِكَ بقولهِ: (قُلتُ: و) مَعَ شَرْطِهِ عَدَمَ التفرَّدِ بِهِ (قَدْ حَسَّنَ) في " جامعِهِ " (بَعضَ ما انْفَرَدْ) بِهِ راويهِ، حيث يَقُولُ عَقِبَ الحَدِيثِ: ((حَسَنٌ غَريبٌ،