ذلك والكلام في تفاصيل المعرفة التامة بالقلب (?) - فلما زادت معرفة الرسول (191 - أ / ف) بربه زادت خشيته له وتقواه، فإن العلم التام يستلزم الخشية كما قال تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر: 28] فمن كان بالله وبأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه أعلم كان له أخشى وأتقى،، إنما تنقص الخشية والتقوى بحسب نقص المعرفة بالله. وقد خرج البخاري في آخر " صحيحه " عن مسروق قال: قالت عائشة: صنع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا ترخص فيه وتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحمد الله ثم قال: " ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ ! فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم خشية " (?) .

وفي " صحيح مسلم " عن عائشة أن رجلا قال لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رسول الله! إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فأغتسل وأصوم " فقال الرجل: يا رسول الله! إنك لست مثلنا، قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: " إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي " (?) . وفي حديث أنس أن ثلاث رهط جاءوا إلى بيوت أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألون عن عبادة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما أخبروا بها كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أصوم الدهر ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015