أحدهما: أنه واجب - أيضا -؛ لأن صفة التيمم عن الجنابة والحدث لا تختلف بخلاف الغسل والوضوء، وأيضا؛ فإن البدن كله في غسل الجنابة كالعضو الواحد، وفي التيمم عضوان متغايران، فيلزم الترتيب بينهما كأعضاء الوضوء.

والثاني: لا يجب؛ لأن التيمم عن الجنابة يلتحق بالغسل ولا ترتيب فيه، وعلى هذا الوجه فلا إشكال في توجيه رواية أبي معاوية، عن الأعمش التي خرجها البخاري بتقديم الكفين على الوجه؛ لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما علم عمارا ما كان يكفيه من التيمم عن الجنابة.

وقد حكى بعضهم عن الأعمش: أنه كان يذهب إلى تقديم مسح الكفين على الوجه في التيمم مطلقا، فإن صح هذا عنه دل على أن ما روى عنه أبو معاوية محفوظ عن الأعمش، وان أبا معاوية حَفِظَ عنه ولم يهم فيه، كما قاله الإمام أحمد. والله أعلم.

ويحتمل أن الأعمش فسر هذا التفسير من عنده كما فسره شعبة - أيضا - من عنده كذلك بتقديم دلك اليدين على الوجه، وقد ذكرناه فيما تقدم من طريق النسائي، أو أن يكون ذلك من تفسير بعض الرواة عن شعبة والأعمش؛ فإن كثيرا منهم لم يكن يفرق بين مدلول العطف بـ ((ثُمَّ)) وبالواو. والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015