والثاني: الاختلاف في مدة أقل الحيض وأقل الطهر بين الحيضتين.
فأما أقل الحيض: فمذهب الشَافِعي وأحمد - المشهور عَنهُ - وإسحاق: أنَّهُ يوم وليلة.
وأما أقل الطهر بين الحيضتين: فمذهب الشافعي وأحمد - في رواية عَنهُ -: أنَّهُ خمسة عشر يوماً، وَهوَ قول كثير مِن أصحاب مالك.
والمشهور عَن أحمد: أن أقله ثلاثة عشر يوماً.
وعند إسحاق: أقله عشرة أيام -: نقله عَنهُ حرب.
وَهوَ رواية ابن القاسم، عَن مالك.
واختلفت الرواية عَن مالك في ذَلِكَ.
فعلى قول مِن قالَ: الأقراء الحيض، وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً، فيمكن انقضاء العدة بثلاثة قروء في تسعة وعشرين يوماً.
وعلى قول مِن قالَ: الأقراء الحيض، وأقل الطهر خمسة عشر فلا تنقضي العدة في أقل مِن ثلاثة وثلاثين يوماً.
وأما على قول مِن يقول: الأقراء الأطهار: فإن قيل: بأن أقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر؛ فأقل ما تنقضي فيهِ العدة بالأقراء ثمانية وعشرون يوماً.
وإن قيل: أقل الطهر خمسة عشر؛ فاثنان وثلاثون يوماً.
فأما مالك وأصحابه، فقالَ ابن القاسم: سألت مالكاً، إذا قالت: قَد حضت ثلاث حيض في شهر؟ قالَ: تسأل النساء عَن ذَلِكَ، فإن كن يحضن كذلك ويطهرن
لَهُ؛ كانت مصدقة.
وهذا هوَ مذهب مالك المذكور في ((المدونة)) ، واختاره الأبهري مِن أصحابه، وبناه على أن الحيض لا حد لأقله، بل أقله دفقة وأقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر.