ووقع التردد: هل يكفي الوضوء أو لا يكفي دونَ غسل البدن كله؟ فوجب الأخذ بالغسل؛ لأنه لا يتيقن براءة الذمة بدونه.

وهذا معنى قول البخاري: الغسل أحوط.

ولذلك قالَ أحمد - في رواية ابن القاسم -: الأمر عندي في الجماع أن آخذ بالاحتياط فيهِ، ولا أقول: الماء مِن الماء.

وسلك بعضهم مسلكاً أخر، وَهوَ: أن المجماع وإن لَم ينزل يسمى جنباً ومجامعاً وواطئاً، ويترتب جميع أحكام الوطء عليهِ، والغسل مِن جملة الأحكام.

وهذا معنى قول مِن قالَ مِن السلف: أنوجب المهر والحد ولا نوجب الغسل؟

وهذا القول هوَ الذِي استقر عليهِ عمل المسلمين.

وقد خالف فيهِ شرذمة مِن المتقدمين، مِنهُم: أبو سلمة، وعروة، وهشام ابن عروة، والأعمش، وابن عيينة، وحكي عَن الزهري وداود.

وقال ابن عبد البر: اختلف أصحاب داود في هَذهِ المسألة.

وقال ابن المنذر: لا أعلم اليوم بين أهل العلم في ذَلِكَ اختلافاً.

وذهب إليه طائفة مِن أهل الحديث، مِنهُم: بقي بنِ مخلد الأندلسي، وقد نسبه بعضهم إلى البخاري وليس في كلامه ما يصرح بهِ، وحكاه الشَافِعي عَن بعض أهل الحديث مِن أهل ناحيتهم وغيرهم، وذكر مناظرته لَهُم.

وقد كانَ بعض الناس قي زمن الإمام أحمد ينسب ذَلِكَ إليه، فكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015