الظاهر، ولا يعاقبهم إلا عَلَى ذنوب تظهر منهم، فَلَمْ تكن العقوبة بالتحريق إلا عَلَى الذنب الظاهر، وَهُوَ التخلف عَن شهود الصلاة فِي المسجد، لا عَلَى النفاق الباطن.

وأما دعوى أن ذَلِكَ كَانَ تخويفاً وإرهابا مِمَّا لا يجوز فعله، فَقَدْ اختلف فِي جواز ذَلِكَ.

فروي جوازه عَن طائفة من السلف، منهم: عَبْد الحميد بْن عَبْد الرحمن عامل عُمَر بْن عَبْد العزيز عَلَى الكوفة، وميمون بْن مهران، وروي - أيضاً - عن عُمَر بْن الخَطَّاب من وجه منقطع ضَعِيف، وعن عَلِيّ بْن أَبِي طالب.

وأنكر ذَلِكَ عُمَر بْن عَبْد العزيز وتغيظ عَلَى عَبْد الحميد لما فعله، وَقَالَ: إن خصلتين خيرهما الكذب لخصلتا سوءٍ.

وقد ذكر هذه الآثار عُمَر بْن شبة البصري فِي ((كِتَاب أدب السلطان)) .

وبكل حال؛ فليس مَا ذكره النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من التحريق من هَذَا فِي شيء؛ لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبر بأنه هم، وأنما يهم بما يجوز لَهُ فعله، والتخويف يكون عِنْدَ من أجازه بما لا يجوز فعله ولا الهم بفعله، فتبين أَنَّهُ ليس من التخويف فِي شيء، وإنما امتنع من التحريق لما فِي البيوت من النِّسَاء والذرية وهم الأطفال، كما فِي الرواية الَّتِيْ خرجها الإمام أحمد، وهم لا يلزمون شهود الجماعة؛ فإنها لا تجب عَلَى امرأة ولا طفل، والعقوبة إذا خشي أن تتعدى إلى من لا ذنب لَهُ امتنعت، كما يؤخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015