الاستعمال معروف في كلام العرب، وقد يقال: إن " حتى " بمعنى لام التعليل، وأن المراد أن الله لا يمل لكي تملوا أنتم من العمل. وفيه بعد – أيضا. ولو كان كذلك لقال: حتى لا تملوا، ويكون التعليل – حينئذ – بإعلامهم بأن الله لا يمل من العطاء، فيكون إخبارهم بذلك مقتضيا (203 – ب / ف) لمدوامتهم على العمل وعدم مللهم وسآمتهم.
وقد يقال: إنما يدل هذا الكلام عل نسبة الملل والسآمة إلى الله بطريق مفهوم الغاية. ومن يقول: إنه لا مفهوم لها فإنه يمنع من دلالة الكلام على ذلك بالكلية. ومن يقول ذلك بالمفهوم فإنه يقول: متى دل الدليل على انتقائه لم يكن مرادا من الكلام. وقد دلت الأدلة عل انتفاء النقائص والعيوب عن الله تعالى، ومن جملة ذلك: لحوق السآمة والملل له.
ولكن بعض (?) أصحابنا ذكر أن دلالة مفهوم الغاية كالمنطوق؛ بمعنى أنه لا يجوز أن يكون ما يعد الغاية موافقا لما قبلها بمفهوم الموافقة أو غيره. فعلى قوله يتعين في هذا الحديث أحد الأجوبة المتقدمة، والله سبحانه وتعالى أعلم.