وخالف في ذلك طوائف من المتكلمين وغيرهم وقالوا: الأعمال في حال الكفر حابطة لا ثواب لها بكل حال، وتأولوا هذه النصوص الصحيحة بتأويلات مستكرهة مستبعدة، ولذلك (?) من كان له عمل صالح فعمل سيئة أحبطته ثم تاب؛ فإنه يعود إليه ثواب ما حبط من عمله بالسيئات.

وقد ورد في هذا آثار عن السلف، قال ابن مسعود: عبد الله رجل سبعين سنة ثم أصاب فاحشة فأحبط الله عمله، ثم أصابته زمانه وأقعد فرأى رجلا يتصدق على مساكين فجاء إليه فأخذ منه رغيفا فتصدق به على مسكين فغفر الله له ورد عليه عمل سبعين سنة. خرجه ابن المبارك في كتاب: البر والصلة "

بل عود العمل هاهنا بالتوبة أولى؛ لأن العمل الأول كان مقبولا، وإنما طرأ عليه ما يحبطه بخلاف عمل الكافر قبل إسلامه. ومن كان مسلما وعمل صالحا في إسلامه ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام، ففي حبوط عمله الأول بالردة خلاف مشهور، ولا يبعد أن يقال: إنه إليه بإسلامه الثاني على تقدير حبوطه، والله أعلم.

وقد وردت نصوص أخر تدل على أن الكافر إذا أسلم وحسن إسلامه فإنه تبدل سيئاته في حال كفره حسنات، وهذا أبلغ مما قبله، ويدل على أن التائب من ذنب تبدل سيئاته قبل التوبة بالتوبة حسنات كما دلت عليه الآية في سورة الفرقان، وفي ذلك كلام يطول ذكره هاهنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015