ولا نعلم أحدا ذكر في حديث ابن عباس: ((إلى غير جدار)) غير مالك. وقد خرجه في ((الموطإ)) في موضعين، ذكر في أحدهما هذه الكلمة، وأسقطها في الأخرى.
وقد قال الشافعي: قول ابن عباس: ((إلى غير جدار)) ، أراد - والله أعلم -: إلى غير سترة.
واستدل بذلك على أن السترة غير واجبة في الصلاة.
وحمله غيره على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي إلى عنزة، فإن هذه كانت عادته في الأسفار، على ما يأتي - إن شاء الله تعالى.
فكلام البخاري قد يدل على هذا؛ لإدخاله هذا الحديث في أن سترة الإمام سترة لمن خلفه.
وحمله الإمام أحمد - في رواية ابن منصور والأثرم - على مثل هذا.
لكن البخاري قد خرج الحديث، وفيه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى إلى غير جدار، كما تقدم، إلا أن يقال: لا يلزم من عدم الجدار نفي استتاره بحربة ونحوها.
وقد ذكر الأثرم أن ابن أخي الزهري روى هذا الحديث عن الزهري، وذكر فيه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى إلى غير سترة.
وقد روي عن الإمام أحمد مثل قول الشافعي، وأنه حمل الحديث على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى إلى غير سترة -: نقله عنه الحسن بن ثواب.