وحسنه فقال: لو اعتزلت الناس وأقمت في هذا الشعب ولا أفعل حتى أستأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستأمره فقال: " لا تفعل؛ فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في أهله ستين عاما " (?) .
وخرج الإمام أحمد نحوه من حديث أبي أمامة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لم أبعث باليهودية ولا النصرانية؛ ولكني بعثت بالحنيفية السمحة " (?) . وذكر باقيه بمعناه. وخرج داود من حديث أبي أمامة أن رجلا قال: يا رسول الله! ايذن لي بالسياحة، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن سياحة أمتي: الجهاد في سبيل الله " (?) . وفي " المسند " عن أبي سعيد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " عليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية الإسلام " (?) . وفي مراسيل طاوس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا رهبانية في الإسلام ولا سياحة ". وفي المعنى مراسيل أخر متعددة.
قال الإمام أحمد: ليست السياحة من الإسلام في شيئ ولا من فعل النبيين ولا الصالحين. والسياحة على هذا الوجه قد (194 – ب / ف) فعلها طوائف ممن ينسب على عبادة واجتهاد بغير علم، ومنهم من رجع لما عرف ذلك. وقد كان في زمن ابن مسعود من المتعبدين خرجوا إلى ظاهر الكوفة