ولا سيما المتأخرين منهم فإنهم يذهبون إلى تقوية الحديث بمجرد نقلهم عن غيرهم أن له طرقاً دون أن يقفوا عليها ويعرفوا ماهية ضعفها] تمام المنة في التعليق على فقه السنة ص31 - 32.
يقول السائل: ما معنى قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اختلاف أمتي رحمة)؟
الجواب: هذا الكلام المنسوب إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد رواه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى 1/ 147 بلفظ: [واختلاف أصحابي لكم رحمة]. ورواه الطبراني والديلمي وغيرهم وقد بين السخاوي حال الحديث في المقاصد الحسنة ص26 - 27. وكذلك العجلوني في كشف الخفاء 1/ 64 - 65. وفصل الشيخ الألباني الكلام عليه حيث قال: [لا أصل له ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا حتى قال السيوطي في الجامع الصغير: [ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا]. وهذا بعيد عندي إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده. ونقل المناوي عن السبكي أنه قال: [وليس بمعروف عند المحدثين ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع]. وأقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على تفسير البيضاوي (ق92/ 2).
ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء، فقال العلامة ابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام 5/ 64 بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث: [وهذا من أفسد قول يكون لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطاً وهذا ما لا يقوله مسلم لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف وليس إلا رحمة أو سخط] سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1/ 76.