صلى الله عليه وسلم فر إلى الشام، وكان قد تنصر في الجاهلية، فأُسرت أُخته وجماعة من قومه، ثم منًَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أُخته وأَعطاها فرجعت إلى أَخيها فرغبته في الإسلام وفي القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم عدي المدينة وكان رئيسًا في قومه طي وأَبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم، فتحدث الناس بقدومه فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنق عدي صليب من فضة وهو يقرأُ هذه الآية: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ) قال فقلت انهم لم يعبدوهم. فقال: بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال وأَحلوا لهم الحرام فاتبعوهم. فذلك عبادتهم إياهم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عدي ما تقول أَيفرك أَن يقال الله أكبر فهل تعلم شيئًا أَكبر من الله؟ ما يفرك؟ أَيفرك أَن يقال لا إله إلا الله فهل تعلم إلهًا غير الله؟ ثم دعاه إلى الإسلام فأَسلم فشهد شهادة الحق. قال فلقد رأَيت وجهه استبشر، ثم قال: إن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون)) . اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) في معرض حديثه عن تفرق النصارى وتلاعبهم بالانجيل تحريفًا وتغييرًا وإخفاءً. قال رحمه الله: وقد اختلف النصارى في عامة ما وقع فيه الغلط حتى في الصلب، فمنهم من يقول المصلوب لم يكن المسيح بل الشبه كما يقول المسلمون. ومنهم من يقر بعبوديته لله وينكر الحلول والاتحاد كالاريوسيه. ومنهم من ينكر الاتحاد وأَن أَقر بالحلول كالنسطورية.
وأَما الشرائع التي هم عليها فعلماؤهم يعلمون أَن أَكثرها ليس عن المسيح عليه السلام. فالمسيح لم يشرع لهم الصلاة إلى المشرق،