نفيدكم أنه لا يظهر لنا مانع من دخول هذا المهندس المسيحي المدينة لإصلاح ذلك الجهاز ثم مغادرته إياها بعد إصلاحه، لأن حرم المدينة ليس كحرم مكة الذي أنزل الله تعالى فيه: {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} (¬1) .

وقد أشار الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه " أحكام أهل الذمة" إلى حكم دخول الكتابي المدينة، فقال: وهل يمنعون من حرم المدينة؟ حكي عن أحمد فيه روايتان كما تقدم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنزل وفد نصارى نجران في مسجده، وحانت صلاتهم فصلوا فيه، وذلك عام الوفود بعد نزول قوله تعالى {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عاهمهم هذا} فلم تتناول الآية حرم المدينة، ولا مسجدها. أهـ.

ويعني ابن القيم ـ رحمه الله ـ بقوله: حكي عن أحمد روايتان كما تقدم قوله قبل ذلك: أما مذهب أحمد ـ رحمه الله ـ فعنده يجوز لهم دخول الحجاز للتجارة، لأن النصارى كانوا يتجرون في المدينة في زمن عمر رضي الله عنه كما تقدم. وحكى أبو عبد الله بن حمدان عنه رواية: أن حرم المدينة كحرم مكة في امتناع دخوله.

ومما تقدم من كلام ابن القيم ـ رحمه الله ـ يظهر رجحان رواية الجواز على رواية المنع، بل لقد قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في معرض كلامه على رواية المنع: الظاهر أنها غلط على الإمام أحمد، فإنه لم يخف عليه دخولهم للتجارة في زمن عمر رضي الله عنه وبعده وتمكينهم من ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015