الغروب إنما يحسن الإفتاء به والعمل بموجبه في حالة القدرة والسعة، لا في حال الضيق والمشقة، فلا يفتي بالإلزام به في مثل هذا الزمان إلا من يحاول حطمة الناس وعدم رحمتهم. والفتوى تختلف باختلاف الزمان والمكان، فلو كان التقدير بهذا الزمن القصير شرطاً لسقط للعجز عن أدائه، أو لجاز تقديمه محافظة على فعله، لأن الجزم بلزومه مستلزم للحكم بسقوطه، حيث أنه صار في حق أكثر الناس من تكليف ما لا يستطاع.

إذا شئت أن تعصى وإن كنت قادراً ... فمر الذي لا يستطاع من الأمر

يقال: لا ريب أن هذا شرع دين لم يأذن به الله، والعلماء به وأهل خشيته لا يجرؤون هذه الجراءة العظيمة، فينطقون بهذه الجملة الشاملة العميمة، إنما النطق بمثلها يكون ممن إليه التشريع صلى الله عليه وسلم كما قال صلى الله عليه وسلم: " يابني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار ".

لقد جهل هذا الرجل نفسه. وتحت هذه الجملة من الجهل والقول على الله ورسوله ما لا يعلمه إلا الله ثم العلماء بشرعه ودينه.

وقضية هذا العموم أن من رمى أية ساعة من ليلة النحر أو غيرها من الليالي أو أية ساعة من يوم عرفة أو ما قبلها أو ما بعدها من يوم النحر وأيام التشريق أو ما بعد أيام التشريق أجزأه، كالعموم الذي تقدم في قوله صلى الله عليه وسلم في الطواف بالبيت والصلاة عنده: " أية ساعة شاء من ليل أو نهار" (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015