وسلم للسقاة والرعاة في ترك المبيت وعدم رخصته لهم في ترك رمي الجمرات، وعلم من ذلك أن تفريق العلماء بينهما تفريق في محله.

وأيضاً من المعلوم أن شرعية المبيت ووجوبه من باب الوسائل، وشرعية رمي الجمار ووجوبه من باب الغايات، ويدخل في الوسائل من الرخصة للحاجة مالا يدخل في الغايات، ولا يسوى بين الوسائل والغايات إلا من هو أجهل الناس.

وأيضاً ورد من الأدلة الشرعية على شرعية الرمي ووجوبه ما لم يرد مثله من المبيت، وقد تقدم ذلك.

وسقوط الوداع عن الحائض إلى غير بدل لا حجة فيه على سقوط كل واجب بالعذر إلى غير بدل، فإن الحيض في الحقيقة يمنع فعل تلك العبادة ووجوبها كما يمنع فعل الصلاة ووجوبها، بخلاف مسألتنا. مع أن الوداع مختلف فيه، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه سنة، وأوجبه آخرون واختلفوا في حق من هو. فقيل: في حق الحاج فقط. وقيل: في الخارج من مكة مطلقاً.

قوله: إذا ثبت هذا، فإن الصحيح الذي ندين به وندعو الناس إليه: هو أن المعذور بمرض أو ضعف حال أو من يخاف على نفسه حطمة الرجال فإنه يسقط عنه الرمي سقوطاً مطلقاً بلا بدل، كما سقط المبيت عن الرعاة والسكاة، وكما سقط طواف الوداع عن الحائض وهو معدود من الواجبات. ولا نقول بوجوب الاستنابة في هذه الحالة، لعدم ما يدل عليها، ولأن الله سبحانه {لا يكلف نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015